نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

السيد عباس المدرّسي اليزدي

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ج ٤

المؤلف:

السيد عباس المدرّسي اليزدي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مكتبة الداوري
المطبعة: شريعت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ والمعدومين ايضا وان كان نفس الخطاب الحقيقى يقصر عن الشمول لغير الحاضرين من جهة تلك القرينة العقلية المتقدم ذكرها ولا بأس بذلك كله.

وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٥٩ ربما قيل انه يظهر لعموم الخطابات الشفاهية للمعدومين ثمرتان الأولى حجية ظهور خطابات الكتاب لهم كالمشافهين. وتوضيحه قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٣٨ الاولى حجية ظهور الخطابات لغير المشافهين من الغائبين والمعدومين كالمشافهين بناء على الشمول وعدم حجيته بناء على الاختصاص بالمشافهين نظرا الى دعوى احتمال ارادة المتكلم خلاف الظاهر واتكاله فى تفهيم مرامه على قرينة حالية او مقالية معهودة بينه وبين المخاطب. واجاب عنه صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٥٩ وفيه انه مبنى على اختصاص حجية الظواهر بالمقصودين بالافهام وقد حقق عدم الاختصاص بهم ولو سلم فاختصاص المشافهين بكونهم مقصودين بذلك ممنوع بل الظاهر ان الناس كلهم الى يوم القيمة يكونون كذلك وان لم يعمّهم الخطابات كما يومئ اليه غير واحد من الاخبار. وقال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٣٥ وعلى كل حال فالثمرة الاولى منهما مبنيّة على القول بحجية الظهورات لخصوص من قصد افهامه والّا فبناء على عدم الاختصاص بمن قصد افهامه كما هو التحقيق ايضا فلا مجال لهذه الثمرة حيث انه كان لغير المشافهين ايضا الاخذ بظهور الخطابات فى استفادة مرام المتكلم من خطابه خصوصا مع ما عرفت من منع كون المشافهين مخصوصين بكونهم مقصودين بالافهام من الخطابات المتكفلة للاحكام الشرعية بل وان جميع الناس الى يوم القيمة كانوا كذلك وان لم يعمّهم الخطابات.

قال في الكفاية ج ١ ص ٣٥٩ الثانية صحة التمسك باطلاقات الخطابات ـ

٣٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ القرآنية بناء على التعميم لثبوت الاحكام لمن وجد وبلغ من المعدومين وان لم يكن متحدا مع المشافهين فى الصنف اى لحضور الامام ونحوه ـ وعدم صحته على عدمه لعدم كونها ح متكفلة لاحكام غير المشافهين فلا بد من اثبات اتحاده معهم فى الصنف حتى يحكم بالاشتراك مع المشافهين فى الاحكام حيث لا دليل عليه ح الّا الاجماع ولا اجماع عليه الّا فيما اتحد الصنف كما لا يخفى وذكر المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٣٨ والفرق بين الثمرتين واضح فان الكلام فى الاولى فى صحة التمسك بظواهر الخطابات وجوازه بالنسبة الى غير المشافهين والمخاطبين بالخطاب وعدم صحته نظرا الى احتمال ارادة المتكلم خلاف الظاهر واتكاله فى تفهيم مرامه من خطابه على قرينة معهودة وبين المخاطبين من غير نظر الى اشتراك غير المشافهين مع المشافهين فى الحكم والتكليف او اختصاصه بخصوص المخاطبين ومن ذلك يجرى هذا لكلام حتى فى موارد عدم الاتحاد فى الصنف كما فى التمسك المجتهد بالظاهر لاثبات حكم صنف غير شامل له كتمسكه بظهور ما دل على الحكم المتعلق بالنساء لاثبات الاحكام المختصة بهنّ ففى الحقيقة يكون البحث من الجهة الاولى وحجّية ظهور الخطابات كلية لغير المخاطبين المقصودين بالافهام من جملة المقدمات فى البحث للثمرة الثانية حيث انه يحتاج فى الثمرة الثانية الى اثبات حجية الظهورات للمعدومين كى يتمسكوا بالظاهر لاثبات حكمه للموجودين ثم اثباته لنفسهم بمقتضى قاعدة الاشتراك بعد احراز الاتحاد فى الصنف وهذا بخلافه فى الثمرة الثانية فان الكلام فيها فى صحة التمسك لكل من وجد وبلغ من المعدومين بالظواهر على التعميم وعدم صحته على الاختصاص واحتياج التعميم الى قاعدة الاشتراك واحراز الاتحاد فى الصنف ـ

٣٨٢

الاشتراك (١)

______________________________________________________

ـ واما الثمرة الثانية فائضا غير ظاهرة من جهة ما بينّا سابقا من اقتضاء الاطلاقات نفى مدخلية قيد الحضور فى تكليف الحاضرين باعتبار كونه من القيود المغفول عنها غالبا. قال فى الكفاية ج ١ ص ٣٦٠ ولا يذهب عليك انه يمكن اثبات الاتحاد وعدم دخل ما كان البالغ الآن فاقدا له مما كان المشافهون واجدين به باطلاق الخطاب اليهم من دون تقييد به ـ اى المشافه ـ وكونهم كذلك ـ اى المشافهين ـ لا يوجب صحة الاطلاق مع ارادة المقيد منه فيما يمكن ان يتطرق اليه الفقد ان وان صح فيما لا يتطرق اليه ذلك ـ اى كونه من القيود اللازمة للمشافهين فلا يحتاج الى ذكره ولا يلزم من عدم ذكره فى دخله فى التكليف اخلال منه بغرضه ـ وذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٥٣٩ بان مجرد ذلك غير مجد فى دفع محذور نقض الغرض بعد كونه من القيود المغفول عنها غالبا خصوصا بعد فرض كون المتكلم فى مقام بيان مرامه على الاطلاق حتى بالنسبة الى غير المشافهين بل لا بد ح من بيانه والتصريح بمدخلية قيد الحضور فى تكليف الحاضرين لئلا ياخذ غير الحاضرين باطلاق تكليف الحاضرين ويستكشفوا من الخطاب المتوجه اليهم تكليف انفسهم.

(١) والحاصل كما ذكر المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٣٩ مع امكان منع كون خصوصية الحضور من القيود اللازمة غير المتمكنة عن الحاضرين من جهة وضوح عدم كون قيد الحضور فى زمان الخطاب او النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله مثلا من القيود اللازمة الغير المفارقة عن اشخاص الحاضرين مجلس الخطاب بل وانما ذلك من قبيل الاوصاف المفارقة من جهة جواز كون المخاطبين فاقدين للحضور فى اثناء عمرهم وح فاذا جرى اصالة الاطلاق فى نفى اعتبار قيد الحضور فى تكليف الحاضرين ـ

٣٨٣

من اتحاد الصنف (١) نعم (٢) لو بنينا على عدم حجية الخطاب لغير من قصد افهامه اشكل لنا (٣) التمسك باطلاق الموضوع فى حق الحاضرين فلا مجرى ح لقاعدة الاشتراك ايضا والعجب ح ممن توهّم (٤) بان لازم اختصاص الخطاب بالحاضرين عدم جواز التمسك باطلاقه ولو بنينا على حجيّة الاطلاق لغير من قصد اذ (٥) ذلك صحيح فى مقام عدم اثبات

______________________________________________________

ـ فصح تمسك المعدومين لا محاله بظهور الخطابات لاثبات تعميم الحكم حيث انه باجراء اصالة الاطلاق فى حق المشافهين ينفى احتمال مدخلية خصوصية الحضور ثم ينفى احتمال دخل الخصوصيات الذاتية بقاعدة الاشتراك فيستفاد من اجل هاتين القاعدتين تعميم التكليف المستفاد من الخطاب لكل من وجد وبلغ من المعدومين ومعه فينتفى الثمرة المزبورة ايضا من جهة انه على كل تقدير يصح تمسك المعدومين باطلاقات الخطابات القرآنية وغيرها.

(١) الاتحاد فى الصنف اى خصوصية مصنفة يحتمل دخلها لحضور الامام عليه‌السلام فى صلاة الجمعة والحدود مثلا.

(٢) اشارة الى الثمرة الثانية المتقدمة وانه لو كان الخطاب مختصا بالمشافهين فيشكل التمسك بالاطلاق.

(٣) لاحتمال كون قيد الحضور دخيلا فى غرضه وعدم التعرض له لاجل واجديتهم لهذه الصفة وقد عرفت الاشكال عليه.

(٤) المتوهم هو المحقق النائينى فى الفوائد ج ١ ص ٥٤٩ ولكن لا يخفى عليك ان الثمرة لا تبتنى على مقالة المحقق القمى فان الخطابات الشفاهية لو كانت مقصورة على المشافهين ولا تعم غيرهم فلا معنى للرجوع اليها وحجيّتها فى حق الغير سواء قلنا بمقالة القمى او لم نقل فلا ابتناء للثمرة على ذلك اصلا.

(٥) فاجيب عنه المحقق الماتن بان التمسك بالاطلاق لاثبات الحكم لنا بذلك ـ

٣٨٤

الحكم لنا بنفس اطلاق خطابهم واما فى تمسّكنا (١) لاثبات الاطلاق في حق الحاضرين فلا قصور للتشبث به ويحرز به موضوع قاعدة الاشتراك وعليه (٢) فعمدة المانع عن هذه الجهة توهم اختصاص الحجيّة بمن قصد ليس الّا فتدبر.

مقالة (٣) اذا تعقب العام ضمير يرجع الى بعض افراده مع (٤) كون العام

______________________________________________________

ـ فلا يمكن ولا يثبت.

(١) ولكن التمسك بالاطلاق لنفس الحاضرين واثباته لنا بقاعدة الاشتراك لا مانع منه كما مر مرارا.

(٢) فعمدة الاشكال فى اختصاص الخطاب والحجية بمن قصد افهامه وهو المشافهين الحاضرين وعدمه ولا وجه لاختصاصه على ما مر مفصلا.

في تعقب العام بضمير يرجع الى بعض افراده

(٣) نموذج ٦ قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٦١ هل تعقب العام بضمير يرجع الى بعض افراده يوجب تخصيصه به او لا فيه خلاف بين الاعلام وتحقيق الكلام فى ذلك يكون فى ضمن امور.

(٤) الامر الاول فى موضوع محل النزاع قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٦١ ولكن محل الخلاف ما اذا وقعا فى كلامين او فى كلام واحد مع استقلال العام بما حكم عليه فى الكلام كما فى اى الضمير فى الآية الشريفة فان جملة ـ قوله تبارك وتعالى (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) الى قوله ـ اى غير ـ (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) واما ما اذا كان مثل والمطلقات ازواجهن احق بردّهن فلا شبهة فى تخصيصه به. والضمير فى بعولتهن يرجع الى بعض المطلقات فى العدة وهى الرجعيات والمراد من المطلقات ـ

٣٨٥

متكفلا لحكم مستقل (١) لا انه ذكر توطئة لحكم آخر وذلك مثل قوله المطلقات يتربصن ثلاثة قروء لا مثل قوله المطلقات ازواجهن احق بردّهن فهل (٢) يؤخذ بظهور العام ويلزم فى الضمير بالاستخدام او يؤخذ بظهور الضمير ويخصّص العام بمورده وجهان (٣) والظاهر (٤) ان العنوان

______________________________________________________

ـ الاعم من الرجعيات والبائن كما فى الطلاق الثلاث والمختلفة والمبارات فان الرجعيات بعولتهن احق بردهن فى العدة لا مطلق المطلقات.

(١) والمحقق الماتن قد تبع صاحب الفصول في بيان موضوع محل الكلام قال في الفصول ص ٢١٢ ثم الظاهر ان النزاع فيما اذا كان العام والضمير فى كلامين مستقلين كما يساعد عليه التمثيل بالآية او فيه وفيما اذا كانا فى كلام واحد واستغنى العام عن عود الضمير اليه نحو اكرم العلماء وخدّامهم اذا علم اختصاص الحكم بخدام العدول منهم.

(٢) واما اذا كان فى كلام واحد واستدعى العام عود الضمير اليه كما لو قيل المطلقات حق ازواجهن بردهن فلا اشكال فى تخصيص العام بتخصيص الضمير بالبعض لبعد الاضمار وتعذر الاستخدام ولهذا لم يحرّر النزاع احد فى قوله تعالى والمطلقات يتربصن مع اختصاص الحكم ببعض المطلقات. فان مطلق المطلقات لا يتربصن بل يختص بالمدخول بها دون الصغيرة واليائسة وغير المدخول بها فالضمير يرجع الى بعض المطلقات لكن بما ان المطلقات توطئة لحكم التربص فلا بد من التخصيص والمفروض انه فى كلام واحد.

(٣) الامر الثاني بعد ما عرفت تحرير محل النزاع فى المسألة وجهان بل قولان قول بالتخصيص العام وقول بالرجوع الى بعض افراد العام وبقاء العام على ظهوره.

(٤) قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٥٤٤ انه لا بد وان يكون محل ـ

٣٨٦

المزبور يختص بظهوره اتصال الضمير بالكلام ولو بدل الضمير باسم الاشارة ربما يشمل الكلامين المنفصلين ايضا وعلى اى حال (١) لو كان محط البحث فى العام المتصل بالضمير فى كلام واحد كالمثال المذكور

______________________________________________________

ـ الكلام فيما لو كان العام والكلام الذى يتصل به الضمير فى كلام واحد على نحو كان الكلام المشتمل على الضمير من توابع ما اشتمل على العام من جهة عدم تصور فرض استقلال كل من العام والضمير الراجع اليه فى الكلام على معنى كونهما فى كلامين مستقلين نعم لا باس بذلك فى مثل اسماء الاشارة حيث امكن فرض كونهما فى كلامين مستقلين كامكان فرضهما فى كلام واحد وقع به التخاطب ، وعلى اى حال فحيثما لا يمكن ابقاء العام على ظهوره فى العموم مع حفظ ظهور الضمير فى المطابقة مع المرجع من جهة العلم بمخالفة احد الظهورين للواقع يدور الامر بين التصرف فى العام وتخصيصه بما اريد من الضمير الراجع اليه بحمله على خصوص الرجعيات لا الاعم منها ومن البائنات وبين التصرف فى الضمير اما بنحو الاستخدام بارجاعه الى بعض ما هو المراد من المرجع واما بنحو المجاز فى الاسناد بارجاعه الى تمام المرجع توسعا.

(١) قال فى الكفاية ج ١ ص ٣٦٢ والتحقيق ان يقال انه حيث دار الامر بين التصرف فى العام بارادة خصوص ما اريد من الضمير الراجع اليه ـ اى الرجعيات ـ او التصرف فى ناحية الضمير اما بارجاعه الى بعض ما هو المراد من مرجعه ـ اى الاستخدام وهذا تصرف فى الضمير لان وضع الضميران يكون المراد به ما يراد من الظاهر ـ او الى تمامه مع التوسع فى الاسناد ـ اى لا يكون تصرف فى الضمير ولا فى مرجعه اذ يراد من الضمير المعنى العام الموضوع له الظاهر ـ باسناد الحكم المسند الى البعض ـ اى رجعيا ـ حقيقة الى الكل ـ اى المطلقات ـ توسعا وتجوّزا ـ

٣٨٧

فالظاهر (١) سقوط كل منهما عن الظهور لاتصال كل منهما بما يصلح

______________________________________________________

ـ اى بان يسند أحقية الزوج بردهن الى جميع المطلقات ـ كانت اصالة الظهور في طرف العام سالمة عنها ـ اى عن المعارضة ـ في جانب الضمير وذلك لان المتيقن من بناء العقلاء هو اتباع الظهور فى تعيين المراد ـ اى في المقام كون العام مما شك فيه فى المراد مع العلم باصل الوضع حيث يحتمل فيه كون المراد منه خصوص الرجعيات او الاعم منها ومن البائنات فيجرى فيه اصالة الظهور ـ لا فى تعيين كيفية الاستعمال وانه على نحو الحقيقة او المجاز في الكلمة او الاسناد مع القطع بما يراد كما هو الحال فى ناحية الضمير ـ اى لا شك فيه فى المراد من جهة العلم بارادة خصوص الرجعيات وانما الشك فى كيفية الاستعمال وفى مثله لا مجرى فيه لاصالة الظهور ـ وبالجملة اصالة الظهور انما تكون حجة فيما اذا شك فيما اريد لا فيما اذا شك فى انه كيف اريد. وح فاذا لا يجرى اصالة الظهور فى طرف الضمير لانتفاء الاثر بملاحظة معلومية المراد منه بالارادة الجدية من كونه خصوص الرجعيات فلا دوران فى البين بين اصالة الظهورين فتجرى اصالة الظهور ح فى طرف العام لما له الاثر ويتصرف فى الضمير اما بنحو الاستخدام او المجاز فاجيب عن ذلك المحقق الماتن فى المتن وغيره واليك بيانه.

(١) قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٤٥ بانه وان كان لا مجرى لاصالة الظهور فى طرف الضمير فلا دوران بين اصالة الظهور فى الضمير فى التطابق وبين اصالة الظهور فى العام الّا ان مجرد ذلك لا يقتضى جريانها فى طرف العام فانه لا اقل من صلاحية الضمير باعتبار اتصاله بالكلام للقرينية على العام من جهة احتمال كون استعماله على طبق وضعه وفى مثله من المعلوم انه لا يبقى مجال ظهور للعام فى العموم حتى يجرى فيه دليل التعبد بالظهور.

٣٨٨

للقرينية فلا يبقى ح للعموم ظهور فى الزائد عن مرجع الضمير نعم (١) لو بنينا على كون (٢) اصالة العموم واصالة عدم الاستخدام فى الضمير اصل مستقل غير راجع الى اصالة الظهور او (٣) فرض ذلك فى اسم الاشارة مع كونهما فى كلامين مستقلين فقد يرجّح ظهور العام من جهة ان مرجع التمسك بالعموم فى المقام (٤) الى التمسك بالعام عند الجزم بالمصداق والشك فى المراد بخلاف (٥) اصالة عدم الاستخدام فى الضمير فانه من باب القطع بالمراد والشك فى انه على طبق وضعه واصالة الحقيقة (٦) لا يكون فى مثله بحجة كما اشرنا الى نظيره فى العام (٧) هذا ولكن يمكن

______________________________________________________

(١) هذا استدراك عن اجمال العام.

(٢) بانه لو اخترنا ان اصالة العموم او اصالة عدم الاستخدام اصول مستقلة عدمية او وجودية عليه بناء العقلاء ولا ربط له باصالة الظهور.

(٣) او فرضنا ان العام والضمير فى كلامين مستقلين وفيه اسم الاشارة ففى جريان اصالة الظهور فى العام كمال مجال.

(٤) لان التمسك بالعام انما يكون فى الشك فى المراد حيث يحتمل ان المراد من المطلقات الرجعيات مع الجزم باصل الوضع وهو كون المطلقات اعم.

(٥) بخلاف الضمير للعلم بالمراد وهو الرجعيات والشك فى انه على طبق وضعه على النحو الذى تقدم.

(٦) واصالة الحقيقة لا يثبت ذلك فان القدر المتيقن من السيرة وبناء العقلاء على الحجية انما هو فى صورة الشك فى المراد لا فى صورة الشك فى كيفية الاستعمال مع القطع بالمراد.

(٧) ونظير ذلك قلنا بعدم جريان اصالة الظهور والعموم لاخراج ما يقطع ـ

٣٨٩

ان يقال (١) ان مرجع اصالة عدم الاستخدام (٢) الى اصالة اتحاد المرجع مع الضمير و (٣) الشك فى مراد العام يلازم (٤) مع الشك فى المراد فى اصالة الاتحاد اذ المراد من هذا الاصل ليس إلّا اتحادهما واقعا وهو مشكوك بعين الشك فى مراد العام نعم بالنسبة الى المراد من الضمير الامر كما ذكر (٥)

______________________________________________________

ـ بخروجه عن حكم العام عن موضوعه اقتصارا على المتيقن من السيرة وبناء العقلاء على الحجية لكن قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٤٦ ولكنك عرفت عدم تصور فرض استقلال العام والضمير فى الكلام وعدم كون مدار الحجية فى اصالة الحقيقة على التعبد بل على الظهور التصديقى النوعى وعليه فالضمير حسب اقترانه بالعام يكون مما يصلح للقرينية على العام ومعه فلا يكون له ظهور فى العموم حتى يشمله دليل التعبد الآمر بالغاء احتمال الخلاف كما لا يخفى

(١) ولكن ذكر فى المتن وجها آخر للاجمال وهو تعارض الظهورين وان كل منهما يكون الشك فى المراد.

(٢) فان حقيقة اصالة عدم الاستخدام يرجع الى اصالة اتحاد المرجع مع الضمير بمعنى ان الضمير لو كان هو البعض وهى الرجعيات المرجع يكون متحدا معه فى المفاد.

(٣) والمفروض من طرف العام يكون الشك فى المراد من العام انه مطلق المطلقات او الرجعيات الذى يجرى فيه بناء العقلاء للشك فى المراد.

(٤) يلازم الشك فى مراد العام مع الشك فى المراد فى اصالة الاتحاد فان موضوع الاتحاد بين الضمير والمرجع هو اتحادهما واقعا فعند الشك فى مراد العام يكون الشك فى الاتحاد واقعا وهو مشكوك وهو الشك فى المراد.

(٥) وما ذكروه من معلومية المراد والشك فى كيفية الاستعمال انما يختص ـ

٣٩٠

ولكن (١) لو كان مرجع الشك فى المقام فى اتحاد المرجع مع المراد فهو ايضا من الاصول السياقية فيؤخذ مثله عند الشك به مستقلا مع قطع النظر عن اجراء الاصل فى المراد من الضمير كما لا يخفى وح فربما يقع التعارض بينهما (٢) فيصير ان بحكم المجمل المستتبع لرفع اليد عن اصالة الظهور فى المقام ايضا فتدبر.

______________________________________________________

ـ بنفس الضمير انه يراد منه الرجعيات جزما ولا ربط له بما ذكرنا.

(١) فعلى هذا لو كان الشك فى اتحاد المرجع مع المراد فى الضمير وهو غير الاصل فى نفس الضمير فيرجع الى اصالة عدم الاستخدام وهو اتحاد المرجع مع المراد.

(٢) فلا محالة يتعارض ذلك مع اصالة الظهور في العام فيتساقطان لعدم الترجيح لاحدهما فيصير بحكم المجمل فلا يقدم ظهور العام ح فالنتيجة انه ليس الشك في طرف الضمير بهذا الوجه من الشك فى كيفية الاستعمال بل الشك ايضا في المراد كالشك فى نفس العام ويوجب اجمال العام وهذا وجه دقيق جدا وقد قربه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٠٨ ببيان آخر ان اصالة عدم الاستخدام بمدلولها الالتزامى يوجب ان يكون المراد بالعام هو الخاص فاذا قلنا بان الاصل عدم كون المراد بالضمير شيئا وبمرجعه شيئا آخر يلزم من ذلك ان يكون المراد بالمطلقات الرجعيات فقط ليتطابق الضمير مع مرجعه. ونعم التحليل وذكر المحقق النائيني والتحقيق ان يقال بجريان اصالة العموم وعدم جريان اصالة الاستخدام من وجوه الأول ان لزوم الاستخدام فى ناحية الضمير كان يراد بالمطلقات فى الآية المباركة معناها العام وبالضمير الراجع اليها خصوص الرجعيات منها انما يبتنى على ان يكون العام المخصص مجازا لانه على ذلك يكون للعام معنيان احدهما معنى ـ

٣٩١

مقالة (١) اختلفوا فى جواز تخصيص العام كتابيا ام غيره بمفهوم المخالفة بعد اطباقهم على التخصيص بمفهوم الموافقة فذهب الى كل فريق

______________________________________________________

ـ حقيقى وهو جميع ما يصلح ان ينطبق عليه مدخول أداة العموم وثانيهما معنى مجازى وهو الباقى من افراده بعد تخصيصه فاذا اريد بالعام معناه الحقيقى وبالضمير الراجع اليه معناه المجازى لزم الاستخدام واما اذا قلنا بان تخصيص العام لا يستلزم كونه مجازا كما هو الصحيح فلا يكون للعام الّا معنى واحد حقيقى وليس له معنى آخر حقيقى او مجازى ليراد بالضمير الراجع اليه معنى مغاير لما اريد من نفسه ليلزم الاستخدام فى الكلام واورد عليه استادنا الخوئي في الهامش ص ٤٩٣ من الاجود ج ١ لا يذهب عليك ان تخصيص العام وان لم يستلزم كونه مجازا الّا ان ظاهر الكلام هو اتحاد المراد من الضمير وما يرجع اليه فارادة جميع الافراد من العام وارادة بعضها من الضمير الراجع اليه خلاف الظاهر وهذا هو المراد من اصالة عدم الاستخدام. والصحيح ما تقدم من الاجمال.

فى جواز تخصيص العام بمفهوم المخالف

(١) نموذج ٧ قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٦٣ قد اختلفوا فى جواز التخصيص بالمفهوم المخالف ـ اى كقوله عليه‌السلام خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء وقوله عليه‌السلام اذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء وسائل باب ١ من الماء المطلق ح ١ وغيره والمفهوم قد تقدم هو الحكم الغير المذكور لموضوع مذكور وضابط المخالف هو اشتمال الحكم على خصوصية توجب انتفاء الحكم عند انتفائها والخصوصية علة منحصرة مستقلة وانتفاء سنخ الحكم كما مر والموافق ان يكون الخطاب مشتملا على ملاك الحكم فقط مثل لا تشرب الخمر لسكره ويكون واسطة فى ثبوت الحكم على الموضوع فيتعدى عنه الى غيره هذا فى المساواة واما بالاولوية كقوله تعالى ـ

٣٩٢

وتنقيح البحث (١) ان الظهورين تارة وضعيان واخرى اطلاقيان وثالثة مختلفان وعلى اى تقدير تارة كلاهما في كلام واحد واخرى في كلامين مستقلين فان كانا (٢) متفقين وضعا واطلاقا فلا شبهة في تصادمهما

______________________________________________________

ـ ولا تقل لهما اف بالنسبة الى الضرب ـ مع الاتفاق على الجواز بالمفهوم الموافق. كقوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) يستفاد حرمة اهانتهما وضربهما وقد يعبر عنه بفحوى الخطاب ولحن الخطاب وعن المخالف بدليل الخطاب ويعبر عن الجميع بلازم الخطاب وقد عرفت الاتفاق على تخصيصه بالمفهوم الموافق والوجه فى هذا الاتفاق رجوع التعارض فى الحقيقة الى التعارض بين المنطوق والعموم حيث لا يمكن رفع اليد عن مفهوم الموافقة مع البناء على المنطوق للقطع بثبوت المفهوم على تقدير ثبوت المنطوق والّا لم يكن مفهوم الموافقة فيكون التعارض بينهما من قبيل التعارض بين الخاص المنطوق والعام ولا ريب فى وجوب تقديم الخاص على العام اما مفهوم المخالفة فيمكن رفع اليد عنه فقط مع الحكم بثبوت المنطوق فيدور الامر بين رفع اليد عنه ورفع اليد عن العموم.

(١) قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٥٤٦ ولكن تحقيق القول فيه هو ان العام وما له المفهوم مطلقا تارة يكونان فى كلام واحد وقع به التخاطب واخرى في كلامين مستقلين وعلى التقديرين فالدلالة فيهما تارة تكون بالوضع واخرى بالاطلاق وقرينة الحكمة وثالثة بالوضع فى العام وبالاطلاق فى المفهوم ورابعة بالعكس ـ اى هنا فروض ـ.

(٢) اى الفرض الاول والثاني بان كان العام وما له المفهوم كليهما بالوضع او بالاطلاق ومقدمات الحكمة ـ فعلى الأولين لا بد من الحكم عليهما بالاجمال والرجوع الى الاصول العملية ـ اى لتعارض الظهورين ـ.

٣٩٣

فيصير ان مجملا او بحكم المجمل ولكن ذلك (١) لو لا خصوصية مورديّة يوجب اقوائية احدهما على الآخر وذلك ربما يختلف باختلاف المقامات ببركة المناسبات المقامية فى ابواب الفقه ولا يكون تحت ضابطة (٢) وان كانا مختلفين فان كانا فى كلام واحد (٣) فلا شبهة فى تقدم

______________________________________________________

(١) الّا اذا كان احدهما اقوى من الآخر فيقدم على الآخر من غير فرق فى ذلك بين كون العام وما له المفهوم فى كلام واحد وفى كلامين مستقلين اذ على الاول فظاهر لعدم استقرار الظهور فى واحد منهما ح بعد صلاحية كل منهما للقرينية على الآخر وتساويهما فى الوضع والاطلاق وعلى الثانى ايضا كذلك من جهة تصادم الظهورين وصيرورتهما بحكم المجمل فى عدم حجية واحد منهما حيث انه لا بد ح من الحكم عليهما بالاجمال والرجوع الى الاصول العملية الّا اذا كان فى البين ما يوجب قوة فى احدهما فيوجب استقرار ظهوره لو كانا فى كلام واحد او اقوائية لو كانا فى كلامين مستقلين.

(٢) ولكن فى مثل ذلك حيث لا ضابط كلى لذلك من جهة اختلافه باختلاف خصوصيات المقامات والمناسبات بين الاحكام وموضوعاتها لا يمكن تاسيس قاعدة كلية سارية فى جميع الموارد فى تقديم احدهما على الآخر بل لا بد من لحاظ القرائن الخاصة وخصوصيات الموارد الخاصة من مناسبات الحكم والموضوع ونحوها فربما توجب قوة فى العام واخرى فى المفهوم سواء فى ذلك بين الموافق والمخالف. ونعم ما افاد وسيأتى فى الاقوائية.

(٣) الفرض الثالث والرابع بان كانا فى كلام واحد ومختلفين قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٥٤٧ وعلى الثالث من فرض كون الدلالة فى العام بالوضع وفي المفهوم بالاطلاق فان كانا فى كلام واحد فلا اشكال فى الاخذ بالعام ورفع اليد ـ

٣٩٤

الوضعى على الاطلاقى لان مقتضى ظهوره تنجزى (١) بخلاف الاطلاقى (٢) فان مقتضية معلّق على عدم البيان وبديهى ان المقتضى التنجزى فى جميع المقامات مقدم على التعليقى (٣) لان مانعيّته دورى (٤) ومن هنا نقول (٥) ان الظهور الاطلاقى لا يصلح للقرينيّة بالنسبة الى الظهور الوضعى كى يتوهم بان اتصاله بالكلام يضر بظهور العام فتدبر واما ان كانا في كلامين مستقلين (٦)

______________________________________________________

ـ عن المفهوم بل لا دوران ح حيث انه مع الظهور الوضعى للعام لا يبقى مجال للظهور الاطلاقى فى المفهوم حتى يجئ فيه احتمال التخصيص فان الظهور الاطلاقى من جملة مقدماته عدم البيان على خلافه والعام بعد كون الدلالة فيه بالوضع صالح للبيانية فيرتفع به موضوع الاطلاق.

(١) اى غير معلق دلالته على شيء فتنجزى وهو الوضع.

(٢) اى التعليقى دلالته معلق على عدم القرينة على خلافه وهو الاطلاق.

(٣) اى التنجيزى مقدم لانه قرينة وبيان.

(٤) اى فلو كان التنجيزى ايضا معلقا على عدم كون الاطلاق بيانا لدار وهو محال ـ ومن ذلك البيان ظهر حكم الفرض الرابع اعنى فرض كون الدلالة فى المفهوم بالوضع وفى العام بالاطلاق فانه فى فرض كونهما فى كلام واحد يقدم المفهوم على العام من جهة تنجيزية ظهوره. وتعليقية ظهور العام.

(٥) اى بالجملة ان الظهور الاطلاقى والظهور الوضعى كليهما موجودا لكن الظهور الاطلاقى لا يصلح لكونه بيانا وقرينة بالنسبة الى الظهور الوضعى والوضعى يصلح للقرينية على الظهور الاطلاقى وكذا اتصاله بظهور العام لا يضر بظهور العام.

(٦) واما لو كانا فى كلامين مستقلين.

٣٩٥

فقد يتوهم (١) اجراء هذا الترتيب فى مثله ويلتزم ايضا بتقدّم الظهور الوضعى على الاطلاقى وفيه (٢) ان ذلك انما يتم لو كان البيان المانع عن الاطلاق مطلق البيان ولو فى كلام آخر واما لو كان البيان المانع عن الظهور الاطلاقى خصوص البيان فى كلام به التخاطب لا مطلقا فلا يضر العام المنفصل بظهور الاطلاق بل (٣) كان كل منهما ظاهر ان بمقتضى تنجزى وح لا محيص من ملاحظة اقوى الظهورين فى البين (٤)

______________________________________________________

(١) فقد يقال بانه ايضا كذلك وانه يقدم العام الوضعى عليه نظرا الى تنجيزية الظهور الوضعى فى العام وتعليقيته فى الخاص والمفهوم واناطته بعدم البيان على خلافه.

(٢) ولكنه فاسد لما تقدم وسيجيء بان عدم البيان الذى هو مقوم الاطلاق انما هو فى الكلام الذى وقع به التخاطب لا عدم البيان بقول مطلق ولو الى الابد بكلام منفصل آخر عن الكلام الملقى الى المخاطب فى مقام تخاطبه ومن ذلك ترى اخذ العرف واهل المحاورة بظهور الكلام الملقى اليهم عند عدم نصب المتكلم قرينة على الخلاف في تخاطبه من غير حالة منتظرة منهم فى الاخذ بالظهور الاطلاقى بانه لعله ياتى البيان من قبله فى الازمنة الآتية بعد شهر او شهرين او سنة او غير ذلك ومن المعلوم انه لا يكون ذلك الّا من جهة استقرار الظهور الاطلاقى للمطلق عند عدم نصب المتكلم قرينة على المراد فى كلامه الذى اوقع به التخاطب.

(٣) وعليه فاذا فرض كون العام وما له المفهوم فى كلامين مستقلين فقهرا يستقر الظهور الاطلاقى للمطلق فى قبال الظهور الوضعى للعام من غير صلاحية الظهور الوضعى فى العام للقرينية والبيانية عليه بنحو يرتفع موضوع الاطلاق.

(٤) وفى مثله لا مجال لتقديم ظهور العام عليه بمقتضى البيان المزبور بل بعد ـ

٣٩٦

وربما يختلف ذلك ايضا حسب خصوصيّات المورد فى الفقه ولا يكون ايضا تحت ضبط ومع التساوى يصيران بحكم المجمل وتتمة الكلام ايضا فى طىّ بيان مقدمات الحكمة فى المطلق والمقيد (١)

______________________________________________________

ـ استقرار الظهور فى الطرفين يقع بينهما المزاحمة فلا بد من الحكم عليهما بحكم الاجمال والرجوع الى الاصول العملية ان لم يكن اقوائية فى احدهما والّا فيؤخذ بما هو الاقوى والاظهر منهما ويرفع اليد عن ظهور الآخر كما هو واضح.

(١) وفى فرض كونهما فى كلامين مستقلين يحكم عليهما بحكم الاجمال بمقتضى البيان المتقدم الّا اذا كان احدهما اقوى من الآخر فيؤخذ به ويرفع اليد عن ظهور الآخر فتدبر. وهذا هو الصحيح ثمرة فقهية المفهوم المخالف كثير فى الفقه ونشير الى مصاديقه وتقدم الاشارة اليه قال استادنا الآملي فى المجمع ج ٢ ص ٢٠٩ اذا كان المفهوم هو المفهوم المخالف فيقدم على العام لقوة الظهور وحكومته عليه مثل ما فى قوله عليه‌السلام خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء ومفهوم قوله عليه‌السلام الماء اذا بلغ قدر كرّ لا ينجسه شيء وهو ان الماء اذا لم يبلغ قدر كر ينجسه شيء فان العام باطلاقه دل على ان الماء سواء كان بهذا القدر ام لا لا ينجسه شيء والمفهوم بخصوصه دل على ان الماء الذى لم يكن بقدر الكر ينجسه شيء. وقد يوجه التقديم بان دلالة الخصوصية التى تكون فى المنطوق ويؤخذ منها المفهوم على الانحصار وعدم بديل لها تكون بمقدمات الحكمة ودلالته على ان القيد يكون قيد الحكم لا الموضوع يكون بالوضع ـ اى شرط وضعا للحكم ـ واما دلالة العام على العموم يكون بمقدمات الحكمة فيقدم ما دل بالوضع على ان القيد قيد الحكم على ما هو بها ولا يكون فى وسع العام اثبات ان الماء اذا كان كرا او غير كر لا ينجسه شيء بل يدل على ان خصوص ما هو قدر الكر لا ينجسه شيء بعد تخصيصه بالمفهوم. وفيه ان طريقنا ـ

٣٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ لتقديم المفهوم على العام هو ان المفهوم ايضا من شئون المنطوق فكما انه خصص بالمنطوق كذلك خصص بالمفهوم ايضا لاقوائية الدلالة والحكومة.

وشيخنا النائيني وان قال بان دلالة العام على العموم بمقدمات الحكمة ودلالة المفهوم على ان القيد قيد الحكم ايضا بالمقدمات ولكن قال بان الخاص مقدّم لتقديمه بالرتبة وللحكومة على العام وفيه ان دلالة العام على العموم ليس بالمقدمات على التحقيق بل بالوضع ودلالة الخصوصية على انها للحكم بالمقدمات لا بالوضع فلا يتم هذا الوجه.

ولكن ظهر الوجه الصحيح لتقديمه فلا نقول بالتعارض من باب كونها بالمقدمات ولا بالتقديم من باب كون دلالة المفهوم بالوضع. واما قوله بان الخاص حاكم على العام فيكون على فرض كونه قرينة له واما على فرض القول بانه مقدم من باب كونه اقوى دلالة واظهر وربما يقدم العام ايضا بهذا الملاك فلا وجه له ولا وجه لتقديم العام عليه بهذا الملاك ايضا.

ثم ان شيخنا الانصاري قدس‌سره قال بان العام ان كان آبيا عن التخصيص فلا وجه لتقديم الخاص عليه كما فى قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) فان المفهوم و ـ اى عدم ـ هو مجيء الفاسق بالخبر لا يقدم عليه لان العلة وهى اصابة القوم بجهالة وهى ربما يكون مع تبعية خبر العادل ايضا لانه يمكن ان يسهو في النقل فيكون العمل عليه عملا بالجهالة.

واشكل عليه النائيني ـ اى في الاجود ج ١ ص ج ٥٠١ ـ بما حاصله هو ان تقديم خبر الواحد على ما دل على النهى عن اتباع الظن مع إبائه عن التخصيص لان المناط فيه ايضا هو عدم اصابة الظن للواقع دائما يقول به الشيخ فكيف يفصل بين ـ

٣٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ المقام وآية النبأ فقال فى مقام الحل ان الدليل اذا دل على عمل لا يكون اتيان ذلك العمل من باب الجهل بل القيام عليه يكون بالعلم التعبدى وهو الحجة على تصديق العادل فالاصابة لا تكون بالجهل ـ اى لا يكون ح النهى عن اتباع الظن آب ـ فى التخصيص ـ وفيه انه اجاب عن الجهالة ولكن لم يجب عن ان الندامة تكون علة فى الآية بقوله : (فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) وهى كيف لا تصلح مع الاصابة بغير الواقع فتحصل ان الخاص المفهومى يقدم على العام ولكن بما ذكرنا من انه من شئون المنطوق لا من باب ما ذكروه هذا كله فيما اذا كانت النسبة بين العام والخاص العموم والخصوص المطلق ، واما اذا كانت عموما من وجه اى كانت النسبة بين العامين من وجه فقال النائينى ان الملاك هو ما كان فى سائر الموارد من التعارض ولكن لا يتم فنقول المثال لذلك فى الفقه هو ان يقول ان الماء الجارى عاصم سواء كان كرا اولا ومفهوم دليل الكر هو ان كل ما ليس بكر لا عاصمية له مطلقا اى سواء كان جاريا او لا فالجارى بقدر الكر لا كلام فى عاصميته وغير الكر الغير الجارى ايضا لا كلام فى عدم عاصميته انما الكلام فى الكر الغير الجارى وهنا يمكن ان يقال ان المدلول الالتزامى فى قولنا الجارى عاصم هو ان الجارى يكون فى مقابل الكر وله عنوان على حدة فلا ينعقد المفهوم لدليل الكر بالنسبة اليه فيكون معنى ذكر العدل لقوله الماء اذا بلغ قدر كر لم ينجسه شيء فيقال الماء اذا لم يكن جاريا او لم يكن بقدر الكر ينجسه شيء ولا يقال بالتعارض لان الدليل فى الجارى متكفل لبيان انه عدل للكر بالوضع ـ اى أداة الشرط ـ والمفهوم لدليل الكر يكون بواسطة مقدمات الحكمة ـ اى الاطلاق ـ. هذا كله فى المفهوم المخالف واما المفهوم الموافق فهو ايضا ما ان تكون النسبة بينه وبين العام العموم والخصوص المطلق او العموم ـ

٣٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ والخصوص من وجه. فالاول مثل ان يقال لا تكرم الفساق وهو العام واكرم فساق خدام العلماء وهو الخاص ومفهوم هذا الخاص بالاولوية هو ان فساق العلماء يكون اكرامهم واجبا فكما انه يخصص العام بالمنطوق يخصص بالمفهوم بالاولوية واقوائية الظهور فى الخاص منطوقا ومفهوما ففى الواقع يكون الخاص المنطوقى مقدما على العام بمدلوله المطابقى والالتزامى وهذا هو السر فى تقديمه لا ما قال النائينى من ان النسبة هو العموم من وجه وهذا احد موارد تقديمه والثانى مثل لا تكرم الفساق واكرم خدام العلماء بيان ذلك هو ان الفاسق منهى الاكرام سواء كان عالما او خادمه وخدام العلماء يجب اكرامهم سواء كانوا فاسقين ام لا وفى المقام ايضا. ربما يقال بتقديم الخاص على العام وان كان النسبة بينه وبين المفهوم العموم من وجه لان الجمع العرفى يقتضى ذلك وهذا لان فى تقديم الخاص الذى هو العام الصغير منطوقا ومفهوما اسقاط عام واحد وهو الكبير وهو قوله لا تكرم الفساق واما اذا لم يقدم يلزم اسقاط عامين العام الاول وهو قوله اكرم خدام العلماء والثاني مفهومه وهو اكرم العلماء بالاولوية فاذا دار الامر بين اسقاط اصالة العموم فى الطرفين او طرف واحد فالجمع العرفى يقتضى تقديم اسقاط العام الواحد واصالة عمومه لا اسقاط العامين. وفيه ان المفهوم كما مر منا يكون من شئون المنطوق فان قوله اكرم خدام العلماء لا يكون الّا عام واحد فلا وجه لتقديم احدهما على الآخر فيكون مثل سائر موارد العموم من وجه من التعارض والتساقط فتحصل انه اذا كانت النسبة بين العام والمفهوم العموم والخصوص المطلق يقدم المفهوم واما اذا كانت النسبة العموم من وجه فلا وجه للتقديم. ولا بأس بما ذكره إلّا انه ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٥٠٠ فيكون المقام من جملة الموارد التى لا بد فيها من ـ

٤٠٠